أحادية التفكير

أحادية التفكير
بقلم :فارس الصرمي
كما هي عادته يستيقظ كل صباح لينقُد زوجته لماذا لا تجهز فطوره باكرا؟!
السائق الذي أمامه شخص بلا احساس فهو يقود ببطء، صاحبنا يريد أن يصل إلى دوامه في الوقت المحدد، لذا يشتاظ غضبا
وصل لوظيفته متأخراً، أتى زبون طلب منه إنجاز معاملته بسرعة كونه مستعجل، لكن صاحبنا كان بحاجة وقت لفتح جهازه وتشغيل الطابعة، لكن الزبون لا يتفهم الوضع وبدأ يستعجله، صاحبنا بدأ يتسخط!
أزمة البترول جعلت صديقنا يترك سيارته في المنزل، ويركب مع المواصلات العامة، بدأ صديقنا ينقد السائق ليستعجل في الطريق حتى يلحق بدوامه ...
مرت الأيام أصبح صديقنا مديرا، كان حادا مع موظفيه الذين لا يحققون ما يريد هو ...
أحادية التفكير:
أقصد بها أن ينظر الإنسان لكل ما حوله من زاويته فقط دون مراعاة زاوية الآخرين، لذا كل من حوله مخطئون وهو الصواب..
- فإن كان مستعجلا لام الآخرين على بطأهم، وأن كان غير مستعجل نقد الآخرين على الاستعجال!
- أن كان سائقا نقد المارة وأن كان راجلا نقد السائقين.
- أن كان موظفا نقد المديرين، وإن كان مديرا نقد الموظفين.
علاقاته مع من حوله حدية، سريعة التفكك، زبائنه يتوقفون عن التعامل معه، زملائه لا يطيقونه، جيرانه يتجنبونه ...
وهو معتقد أنه فلتة زمانه، وأن الكل ضده أو لا يتعاونون معه !
هذا الصنف لا يترك هامش لاحتمالية أن الآخر لديه عذر مقنع أو أن الخطأ منه.
أحادي التفكير يصعب العيش معه، أو أن يتقلد مواقع قيادية.
أحادي التفكير لا يقدر على تشخيص المشاكل !
فكل مشكلة تواجهه لها سبب واحد أدى لوقوعها، وأيضا ليس لها إلا حل واحد، فيرفض قبول أن المشكلة نتجت عن عدد من الأسباب، وأن حلها يمكن أن يكون بأكثر من خطوة، ولا يقبل نقاش الخيارات الأخرى أو الانتقال الى خيار آخر في حال لم ينجح الحل الذي اختاره سابقا، ويبرر ذلك بأخطاء الآخرين في التطبيق أو...
حتى النجاح سببه أمر واحد، وليس سلسلة من الأمور، لذا سرعان ما يقدر ذاك النجاح !!
الحقيقة أن قلة من الناس من يمكن وصفهم بأحادي التفكير. لكن قلة من الناس ايضا من يخلوا من هذه الأحادية !!!
إذا راجعنا كثير من المواقف، سنجد أن بعض تلك المواقف تأزمت بسبب وقوعنا في أحادية التفكير، ولم نترك لأنفسنا خيار النظرة الواسعة لتلك المواقف..
لابد للتاجر ألا يحصر تفكيره في زاوية تحقيق أهدافه فقط، بل لابد أن يسعى لفهم كيف يفكر الزبون وكيف يفكر من يعمل معه، ليكون قراره متوازنا أمام اي مشكلة أو أمام أي عمل يريد أن يقبل عليه.
كذلك المدير لا بد أن يفهم كيف يفكر الموظف والزبون، ليستطيع قيادة ما يديره ويحقق الحد المقبول من اهدافه الشخصية وأهداف مؤسسته وأهداف موظفيه ....
ومثله الموظف، والزوج، والسياسي، وعالم الدين، و....
خلق الأنسان قاصراً ليتكامل مع الآخرين لا ليتصارع معهم.
أ/ فارس الصرمي – مدير فرع مصرفي