ظاهرة تقليد المشاريع الريادية كما يراها الخبراء

ظاهرة تقليد المشاريع الريادية كما يراها الخبراء

ظاهرة تقليد المشاريع الريادية كما يراها الخبراء

 

باعتبار أن الفكرة هي اللبنة الأساسية لأي مشروع ريادي، قد تتبادر إلى أذهاننا العديد من الأفكار التي يمكن أن تؤدي إلى مشاريع ناجحة، فما إن يرى أحدهم مشروعاً ناجحاً حتى يستعد لتكراره وقد تكون النتيجة إما مشروعاً ناجحاً أو يبوء ذلك المشروع بالفشل ويعود ذلك إلى التقليد الأعمى، هنا أعدّت مجلة ريادة الأعمال دراسة حول ظاهرة تقليد المشاريع الريادية في اليمن وتم الاستناد في هذه الدراسة على آراء خبراء لمعرفة الجانب الإيجابي والسلبي لتلك الظاهرة وما هو أثر التقليد الأعمى على نجاح المشاريع أو فشلها، وقد تم طرح مجموعة من الأسئلة على كل من أ/ عُلا النمس - مديرة مشاريع التمكين الاقتصادي واستشارية مشاريع صغيرة، أ/ عبدالقاهر القاهري – استشاري تطوير وبناء مؤسسي لدى منظمة اليوسيد، أ/ سميرة الصافي – مختصة في إدارة الموارد البشرية، أ/ عبدالواسع الوسفي - مدير فرع مصرفي، وكان ملخص ردودهم حول ذلك أنهم أجمعوا بقول لا بأس من عملية تقليد المشاريع بشرط أن تتخذ جانباً إيجابياً حيث لا تُصبح مقلدة جملة وتفصيلاً، فيجب أن يحتوي على ميزة تنافسية كما عبّرت الأستاذة عُلا النمس بقولها: "إن خلق منافسة تمكّن العميل من إيجاد خيارات أكثر وبأسعار مناسبة"، وهذا ما أكد عليه الأستاذ عبدالقاهر بضرورة إضافة لمسات جديدة تُظهر المشروع بشكل إبداعي.

بالتالي يجب أن يبدأ المشروع من حيث انتهى الآخرون وهذا ما أشادت به الأستاذة سميرة الصافي ولن يتم ذلك إلا بإقامة دراسة جدوى دقيقة وأكّد الأستاذ عبدالواسع اليوسفي بقوله: "أرى السلبية في ظاهرة التقليد بأنها لا تعتمد على دراسة جدوى اقتصادية لما سيتم إنتاجه".

 

أسباب التقليد:

حسب رأي الخبراء أن أصحاب المشاريع يتجهون إلى فتح مشاريع نجحت مسبقاً لسببين الأول هو الخوف من المخاطرة في مشاريع جديدة، والثاني بسبب حاجة السوق لأكثر من منافس فبعض المشاريع لا تستطيع تغطية احتياج السوق.

وأكّد الخبراء بأن تقليد المشاريع لا تؤثر في شخصية رائد الأعمال وقد لخص ذلك الأستاذ عبدالقاهر بقوله: "لا يوجد مشاريع تؤثر في شخصية رائد الأعمال بل توجد شخصية تضفي حيوية لمشروع ما وتجعله ناجحاً".

 

متى يكون التقليد أعمى؟

عند الحديث عن تقليد المشاريع ينظر كثير من القراء إلى أن تقليد المشاريع شيء سيء وغير محبوب وأن المقلد ليس له شخصية رائد أعمال وأن التقليد أعمى وقد يؤدي بصاحب المشروع إلى الفشل لكن خبراءنا عن هذا المجال يوضحون أن المشاريع المُقلدة يكون تأثيرها سلبياً عند كونه أعمى ولا يتم الأخذ في عين الاعتبار التميز سواءً بهويتها أم بخدماتها.

 

لا بأس بتقليد المشاريع بناء على دراسة واقعية:

ينصح الخبراء أصحاب المشاريع المقلدة بالاستفادة من البيئة اليمنية الخصبة المُتاحة لجميع المشاريع الريادية مع مراعاة إعداد دراسة جدوى شاملة وكاملة اقتصادياً والاهتمام بالحاجة لها في السوق، وأخيراً أن يكون ذلك من منطلق الرغبة والشغف نحو المشروع ذاته وليس لغرض التقليد فقط.

 

 

تطبيقات التوصيل نموذج إيجابي للتقليد

ريادة الأعمال - دراسات

ونظراً لوجود ظاهرة تقليد المشاريع الريادية والتي تكون إيجابية في بعض الأحيان وتعود على صاحب المشروع بالفائدة إذا تم استغلالها بشكل جيد، هنا أعدّت مجلة ريادة الأعمال استبيان حول تلك الظاهرة لمعرفة مصدر فكرة إنشاء تلك المشاريع ومدى حداثة الفكرة وابتكارها بالإضافة إلى معرفة الميزة التنافسية التي تميز تلك المشاريع عن بعضها، وخصصنا بالذكر مشاريع التوصيل بسبب ظهور عدد من تطبيقات التوصيل في الآونة الأخيرة، وقد اشتملت عينة الدراسة على ثمانية من مشاريع توصيل على مستوى العاصمة اليمينة صنعاء، متمثلة في (مُستعد – سفري – توصيل – طلقة – جيت – تساهيل – إرسال – دروب أوف).

وبدءاً بفكرة المشروع وأهميتها تقدمنا بسؤال أصحاب مشاريع التوصيل عن مصدر فكرة مشروعه الخاص لمعرفة هل تعتبر هذه الفكرة جديدة أم مقلدة من وجهة نظر صاحب المشروع واحتلت النسبة الأعلى 50% لفكرة تمت مشاهدتها في اليمن ولكون صاحب المشروع قد لامس ازدياد حاجة المجتمع اليمني لها، بينما 37.5% من تطبيقات التوصيل جاءتهم الفكرة من خلال مشاهدتها في دولة غير اليمن، أما من كانت الفكرة بباله منذ زمن فكانت نسبتهم 12.5% من نسبة العينة.

وأجمع 87.5% من أصحاب مشاريع التوصيل على أن الفكرة حديثة ومبتكرة بينما يقول 12.5% منهم أن الفكرة لم تكن حديثة أي مستهلكة.

 

نجاح المشاريع أكبر داعي للتقليد:

وحيث أن الرغبة في تحقيق النجاح لأي مشروع تُحتم عليك أولاً الوثوق في قدرتك على إنشاء مشروع ناجح، وعليك معرفة سبب إنشاء مشروعك وأوردنا أهم الأسباب لإنشاء المشاريع وفي هذا الصدد اتجه 62.5% من المجيبين إلى أن التطوير في خدمة التوصيل هو سببه الرئيسي لفتح مشروعه الخاص بينما يقول 25% منهم أن السبب وراء إنشائه للمشروع هو نجاح مشاريع مشابهة، ويتجه 12.5% من أصحاب المشاريع إلى أن فكرة مشروع التوصيل مثيرة للاهتمام في السوق اليمني بالتالي فإن الحاجة تدعو إلى وجود عدد من مشاريع التوصيل.

 

المنافسة تخلق المزايا:

واعتباراً أن الميزة التنافسية مهارة فريدة على إبراز اسم المشروع ومنافسته للمشاريع الأخرى من حيث جودة الخدمة والحفاظ على الصدارة بالتركيز على ما يميز مشروعك عن غيره، وملء الفجوات التي لا يمكن ملئها في السوق، هنا أظهر كل شخص في عينة الدراسة الميزة التي تميز تطبيقه عن غيره في السوق فأجاب أحدهم بأن السرعة والتجديد المستمر ما يميزه عن غيره.

بينما عبر آخر أن قوة الشركة تكمن في اسطولها الذي يتكون من مئات السائقين للسيارات والدراجات النارية والهوائية، بالإضافة إلى خبرة خدمة العملاء المؤهلين في استقبال الطلبات وتنفيذها بأسرع وقت والتفاهم مع العميل.

ويُجمع عدد من أصحاب المشاريع على أن الجودة تعتبر ميزة يتميز بها التطبيق عن غيره، ويضيف أحدهم عن ميزته بأن خدمته متواصلة على مدار 24 ساعة، كما يتميز أحد التطبيقات بنظام المحفظة ونظام يمكِّن أي تاجر أو تاجرة من إضافة منتجاتهم.

ومع هذه الميزات التنافسية التي يتميز بها تطبيق عن آخر ونظراً لحداثة هذه المشاريع نجد أن 75% من تلك المشاريع في نمو مستمر بينما 25% منها وصلت إلى مرحلة الاستقرار.

نخلص من هذه الدراسة إلى أن التقليد وإن كان ظاهرة شائعة فهو أسلوب ينبع عن حياة الناس إلا أن الوضع والوقت يدعوان لها، فلا بأس بتقليد المشاريع الناجحة لا سيما مشاريع التوصيل والأهم من ذلك أن يتم بناء المشروع وفق دراسة واقعية تبين حجم السوق ومدى الاحتياج وطرق الربح وآليته، ومن الضرورة الاستعانة بخبراء في هذا الشأن لا سيما في المشاريع الريادية كمشاريع التوصيل التي انتشرت مؤخراً إلا أن التقليد يكون أعمى إذا كان قائماً على عدم خلق سوق جديد أو كان قائماً على منافسة غير لائقة أو كان تقليداً حرفياً لأعمال الآخرين ومشاريعهم ووفق الله الجميع.