المدير الأكثر إبداعاً .. يقف وراء ازدهار الشركات

المدير الأكثر إبداعاً .. يقف وراء ازدهار الشركات

المدير الأكثر إبداعاً .. يقف وراء ازدهار الشركات

 

ريادة الأعمال – أحلام حمود قيس

يُعد الإبداع أحد أهم المميزات للإدارة الحديثة وحاجة ماسة يتم من خلالها تطوير طرق وأساليب تحديد الأولويات والأهداف مما يفسح المجال للظهور والتطور والنمو للمؤسسة، ففي ظل التطورات المتسارعة في المعرفة ورأس المال الفكري وما يرافق ذلك من تطورات هائلة في التكنولوجيا وثورة المعلومات والمنافسة الشديدة بين الشركات، هنا تبرز حاجة الشركات إلى التغيير والابتكار لمواكبة تلك التطورات، مما يجعل بعض الشركات اليمنية تعاني من ضعف الابتكار، بالتالي سلّطت مجلة ريادة الأعمال الضوء على أهمية احتواء المؤسسات اليمنية على مدراء يتمتعون بمهارات التفكير الإبداعي وضرورة تنميتها لديهم وإعطائهم مساحة واسعة لتطوير المؤسسة من خلال تطبيق أفكارهم الإبداعية الخارجة عن المألوف للوصول بالمؤسسة أو الشركة إلى أعلى مستويات الكفاءة والفاعلية لكي يتسنى لها البقاء والاستمرار في التميز.

وغالباً ما يتجلى تقدم المؤسسة وتطورها المستمر من خلال المدير المبدع القادر على كسر الروتين ومحاولة إدخال بعض الأفكار التي من شأنها تغيير العمل في الشركة والتطوير المستمر إضافة إلى القدرة على البحث عن الأفكار الإبداعية في جميع المصادر التي يستطيع الوصول إليها سواءً من داخل الشركة أم من المؤسسات الأخرى عن طريق الاستفادة من خبرات أمثاله من مدراء الشركات المؤسسات، أو عن طريق نتائج الأبحاث والدراسات.

فالإبداع يمثل سمةً أساسيةً من السمات التي لا بد من توافرها لدى المدير الذي يُعد المسؤول عن تحقيق الأهداف وتوجيه المبدعين في الشركة مما يساعدهم في تحسين قدراتهم الإبداعية وتوجيهها إلى المجالات الأكثر أهمية، وجعل الإبداع جزءاً من ثقافة الشركة، ومن هذا الجانب اتخذت مجلة ريادة الأعمال نماذج من المدراء اليمنيين لقطاعات مختلفة من المؤسسات اليمينة والتي تعتمد على مبدأ الإبداع للنهوض بمؤسساتهم.

 

 

 

 

القطاع التعليمي:

من أولى النماذج اليمنية المُبدعة كانت مع د/ فيصل هزاع - أمين عام جامعة العلوم والتكنولوجيا حيث لخص لنا أهمية التفكير الإبداعي في إدارة المؤسسات اليمنية في سطور وقال:

"إن ما تمر به بلادنا اليوم من حصار وعدم استقرار في كافة المجالات لا شك أنه سينعكس على كافة المؤسسات العاملة داخل وطننا الحبيب، فالمؤسسات والمنظمات اليوم تعيش في حالة عدم استقرار وتقلبات في كافة المجالات مما يتوجب على قادتها ومدراءها وضع خطط استراتيجية مرنة لمواكبة كافة التغيرات وحالات اللاتأكد والتفكير خارج الصندوق وابتكار طرق إدارية جديدة لحل المشكلات ومواجهة التحديات".

ويستمر الدكتور فيصل في الحديث عن الإبداع بقوله: "إن مؤسسات اليوم بحاجة إلى قادة يتسمون بالتفكير الإبداعي حتى يتمكنوا من قيادة مؤسساتهم إلى تحقيق مصالحها وأهدافها، وهذا لا يتم الا بالتفكير في كافة القضايا الإدارية بطريقة جديدة وأساليب مبتكره وعدم الاقتصار على الروتين الممل والأساليب الإدارية والتقليدية، فالتفكير الإبداعي يجعل القادة الإداريين يفكرون بطرق جديدة ومختلفة، ويرون القضايا الإدارية بمناظير متعددة".

ويحدثنا الدكتور فيصل أنه ينبغي على مؤسسات التعليم العالي في بلادنا العمل جاهدة على تطوير مناهجها التعليمية لمواكبة متطلبات سوق العمل بحيث تكون مخرجاتها قادرة على الإبداع والتفكير والتجديد ومواكبة التطوير في كافة المجالات، وتعتبر جامعة العلوم والتكنولوجيا إحدى المؤسسات الرائدة التي رسمت في استراتيجيتها رؤية واضحة للريادة الإقليمية والتميز العالي، فهي تسعى إلى تبنّي التفكير الإبداعي في كافة مجالاتها سواءً الإدارية أم البحثية والمجتمعية، بل رصدت جوائز وأنشأت مراكز وإدارات لذلك، فالجامعة تبنت كثير من الأنشطة الإبداعية وشاركت في كثير من المسابقات والورش والندوات التي تشجع الإبداع والتفكير الإبداعي، فهي تسعى إلى إنشاء حاضنة ريادة الأعمال وتمتلك مركزاً للمبدعين مثل مركز تطوير التفوق بل وأدخلت كثيراً من المفاهيم الإدارية الحديثة ضمن مناهجها ومقرراتها الدراسية، وهي أول جامعة يمنية تبنت تدريس مقرر ريادة الأعمال ضمن مقرراتها الدراسية في برنامج إدارة الأعمال وحصد طلبة الجامعة العديد من الجوائز في هذا المجال.

ويوضح الدكتور هزاع قائلاً: "إن التفكير الإبداعي في المؤسسات اليوم يتطلب تحويل الفكر الإداري من المركزية إلى اللامركزية وتسهيل آليات الاتصال إضافة إلى المرونة في كافة التعاملات الإدارية وتطوير كافة الأنظمة واللوائح وأدلة الإجراءات لتواكب الواقع الحالي لهذه المؤسسات.

كما أن جامعة العلوم والتكنولوجيا ممثلة بقيادتها الأكاديمية والإدارية تفاجئ الوطن في شتى المجالات بأفكار إبداعية بل أصبحت تمثل الوطن في كثير من المنتديات سواء العربية أو الاقليمية بالأبحاث والابتكارات التي تصدرت فيها المراتب الأولى على المستوى الإقليمي أو الدولي سواء في المجالات الطبية او الهندسية او الجرافكس وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على توجه الجامعة وتشجيعها للأفكار الإبداعية سواء على المستوى الأكاديمي أو الإداري أو الطلاب".

وأخيراً يؤكد الأمين العام لجامعة العلوم والتكنولوجيا على أن الوضع الراهن يستدعي التفكير من زوايا متعددة لكافة القضايا الإدارية، فالقيادات الإدارية المبدعة هي التي ترى مالا يراه الاخرين في كافة المجالات وهي التي تساعد مؤسساتها على البقاء والاستمرار في ظل هذه الظروف التي تحيط بالمنظمات العاملة.  

 

القطاع التجاري:

وبذكر النموذج الثاني للمدراء المبدعين الأستاذ محمد العقاري المدير التنفيذي لشركة العقاري التجارية ويحدثنا العقاري أن إدارة الشركة تتوجه إلى الابتكار وتعتبر الإبداع شيء مهم للغاية لمواكبة التطورات والمحافظة على الاستمرارية والحفاظ على الحصة السوقية، وتعمل شركة العقاري التجارية بالأفكار الإبداعية وكانت كثيرة تلك النتائج الإيجابية التي حصلت عليها إدارة الشركة الناتجة عن تلك الأفكار وذلك بسبب دراسة الإدارة لجميع الأفكار قبل تنفيذها.

ويضيف قائلاً: "إن أفضل الأفكار الإبداعية التي ساهمت في نجاح شركة العقاري هي الأفكار التي كانت تُسهم في الابتكار وتطوير المنتجات، ولا يوجد معايير للأفكار الإبداعية التي يمكن قبولها لكننا في إدارة الشركة نتقبل جميع الأفكار المقترحة حتى وإن كانت مجنونة أو أفكاراً غير قابلة للتطبيق ويتم بعدها غربلة جميع تلك الأفكار ودراسة الأفكار التي نراها مناسبة وقابلة للتطبيق على أرض الواقع والبدء بتنفيذها".

وأخيراً يوضح المدير التنفيذي لشركة العقاري الأستاذ محمد كيفية الحصول على الأفكار الإبداعية من خلال عقد اجتماع على موضوع محدد ويتم طلب إجراء عصف ذهني من قِبل موظفي الإدارة وطرح جميع الأفكار الناتجة ويتم الحكم على الفكرة أنها إبداعية من خلال حداثتها ومواكبتها للتطور وعدم تواجدها في السوق سابقاً.

 

 

القطاع الخدمي:

وفي القطاع الخدمي ومع أحد مدراء التسويق في شركة خدمية تحدثنا بشكل عام عن تفعيل المؤسسات أو الشركات الخدمية في مجال التفكير الإبداعي، حيث أوضح أنها تتمثل عامة بدعم المواهب والأفكار الجديدة والمفيدة للعمل وتهيئة بيئة العمل المناسبة لمثل هؤلاء المبدعين والأشخاص للحصول على المزيد باستمرار.

وأكّد على أهمية العمل بالأفكار الإبداعية في القطاعات الخدمية وخصوصاً تلك الأفكار التي تساعد على الخروج بحلول تقنية للمشكلات التي تطرأ بشكل مفاجئ، ولا يخلو الأمر عند تجربة بعض الأفكار الإبداعية الجديدة من وجود بعض السلبيات في النتائج الأخيرة ولكن يتم تداركها والخروج بأقل الخسائر وغالباً ما تكون نتائج الإبداع إيجابية وفعّالة لديهم.

وأضاف أنه يمكن الخروج بأفضل فكرة إبداعية عند صقل الفكرة من قبل فريق التسويق والفريق الفني، ليتم إنزالها بالطريقة المطلوبة، فتكامل العمل بين الفرق يحقق نتائج مرضية وأرباحاً عالية.

فكل فكرة جديدة يجب أن تؤخذ في عين الاعتبار مع مراعاة أن يتم تحديد معايير كثيرة أو ملزمة تحدد قابلية تقديم الأفكار الإبداعية المنطقية والقابلة للقياس، فذلك من شأنه الرفع بمستوى العمل وتحقيق عروض وحلول تميزك عن منافسيك وترضي عملاءك بشكل إبداعي ومبتكر، ويجب أن تكون جميع الأفكار الإبداعية مقبولة سواءً جاءت من أسفل إلى أعلى أو حتى من خارج الشركة طالما أنها قابلة للتنفيذ وستساعد على النهوض والتميز وتقديم الأفضل فهي مقبولة.

ومما سبق أوضح لنا عدد من النقاط التي تمكن من تنمية الإبداع في الشركات الخدمية وهي:

·      اختيار وقبول الفكرة بعد دراستها وتمحيصها من قبل الإدارة العليا والمختصين.

·      البدء بتطبيق الفكرة وإخراجها إلى حيز الوجود عملياً.

·      تكريم مقدم الفكرة بمكافأة مالية وشهادة شكر وتقدير ونشر صورته واسمه في الشركة.

·      تسجيل اسمه من المرشحين للترقيات في الوظائف المطلوبة داخل الشركة.

·      توفير الموارد المناسبة والمطلوبة لتقديم إبداعات أكثر مستقبلا.

·      تشجيعه وتأهيله بالدورات والتعليم المناسب لمستواه ومؤهلاته وتفكيره.

وانتهى بقوله "من رأيي أن كل فكرة جديدة ومفيدة تأتي من خارج الصندوق والقلب الاعتيادي هي فكرة إبداعية وما عدا ذلك فيمكن توسيعها وصقلها وإبراز جوانب متعددة منها هو عمل فريق متكامل مساعد لصاحب الفكرة".

وفي نهاية مقالنا هذا وبعد ذكر تلك النماذج الإدارية اليمنية المشرفة نتطرق أخي القارئ إلى ذكر ضرورة التنمية الإدارية المستمرة للقيادات في المؤسسة وذلك عن طريق عقد دورات وورش عمل تحثُّ على ممارسة السلوك الإبداع بأساليبه المتعددة في شتى مجالات العمل الإداري، وتهيئة الظروف المادية والمعنوية المساعدة على ممارسة الإبداع في البيئة المؤسسية، بالإضافة إلى توظيف المدراء في مواقهم المناسبة بعد تأهيلهم وضمان جاهزيتهم لممارسة العمل الإبداعي في المؤسسة، واستثمار الخبرات والكفاءات العالية في تطبيق جميع الأفكار الإبداعية التي تتدفق من أسفل السلم الوظيفي إلى أعلاه.