مشروعك الخاص.. ارعه صغيراً يرعاك كبيراً..

مشروعك الخاص.. ارعه صغيراً يرعاك كبيراً..

مشروعك الخاص.. ارعه صغيراً يرعاك كبيراً..

 

 فارس الصرمي – مدير فرع مصرفي

يبتسم القدر لنا حين نقرأ خطاب تعييننا في وزارة أو شركة.. نعم فالوظيفة هي الفرصة التي تتاح لنا لتطبيق ما تعلمناه كي نطور من مهاراتنا ومعارفنا وعلاقتنا ومداركنا..

تتقدم ابتسامة القدر لنا مع كل ترقية وزيادة في الراتب، ومع كل تفوق في الأداء، أو مع حصولنا على دورات تدريبية تخصصية.

يصل تقدير الذات أحيانا إلى أقصى مستوى، ويرتفع الرضى النفسي عما وصل إليه الموظف، لكن القدر لا يبتسم دائماً فيسوق لنا بعض المعوقات والعراقيل، التي يكون دورها هو إيقاظ الموظف من الغفلة فيشعر الموظف بنقص التقدير الذي يعتقد أنه يستحقه وتبدأ مصاريف الموظف تزيد عن دخله، فيزداد شبح المنافسة، ويبدأ الملّاك ينتقل اهتمامهم منك إلى الموظفين الشباب، ويقترب منك شبح التقاعد.

هنا يبدأ الموظف يحاور نفسه، فالمشروع الخاص ليس رحلة آمنة أو مريحة، والوظيفة لازلت تعطيه حداً مقبولاً من الدخل والأمان، وفي نفس الوقت القلق من المستقبل يتعاظم يوماً بعد يوم.

فقدرات الموظف نمت ومهاراته صُقِلت وخبراته نضُجت، تمضي الفرص واحدة تلو الأخرى والأحلام تراوده فيخرج الموظف من الحيرة إلى يقين أهمية الاستعداد للمرحلة الجديدة ويبدأ بالتفكير الجاد والبحث والاستشارة.

فيأتينا هنا السؤال كيف نبدأ بالتخطيط للمشروع الخاص؟!

الخطوة الأولى:

تقييم الذات؛ ويأتي ذلك من خلال تقييم المعارف والمهارات التي يملكها كل واحد منا، وتقييم الوقت الغير مستغل والعلاقات ومدى إمكانية الاستفادة منها، وتقييم المال الذي تم توفيره ومن ثم تقييم الميول الذي يمكن أن نحوّله إلى مشروع..

الخطوة الثانية:

تقييم السوق حيث يمكن تقييم السوق من خلال دراسة المشاريع الصغيرة في الأسواق المشابهة لبلدنا ومدى نجاحها ومعرفة الإجابات لعدة تساؤلات مثل:

ما هي المشاريع الخاصة التي في السوق؟

ما هو تقييم نجاح المشاريع القائمة؟

هل السوق متشبع من المشاريع الخاصة أم لازال هناك نقص؟

هل يوجد مشروع قريب لشغفنا أو ميولنا أو قدراتنا أو مهاراتنا؟

هل يحتاج السوق إلى مشاريع جديدة من حيث الفكرة؟

هل هناك منتج بحثت عنه في السوق ولم تجده بالتالي يصلح أن يكون أساس انطلاقتك؟

الخطوة الثالثة:

 مقارنة ما نتج من تقييم الذات مع نتيجة دراسة السوق وتحديد المشروع الأنسب لنا من حيث المعارف والمهارات والميول..

قد يراودنا سؤال لماذا نركز على المشاريع التي تناسب ميولنا وشغفنا؟!

السبب بسيط جداً فالموظف سينتقل إلى مستوى أعلى في الجهد المطلوب في مشروعه الخاص وسيبذل جهداً أكبر ووقتاً أطول هنا يأتي دور الشغف والميول من خلال تقليل العبء النفسي الذي ينتج عن ذلك الجهد وتحويله إلى متعة.

الخطوة الرابعة:

التقدير الأولي للتكاليف وتحديد سبل توفيرها، فالتقدير يتطلب دراسات وبحوث فنية ومالية وسوقية ودراسة جدوى بعدها يتم دراسة طرق توفير التمويل فإما أن يكون تمويلاً ذاتياً أو تمويلاً مصرفياً أو من خلال إدخال شريك وعادةً ما تكون التكاليف التقديرية أقل من التكاليف الحقيقية بـ 30٪ إلى 40٪ وقد تفشل العديد من المشاريع الخاصة بسبب نفاد التمويل قبل إنجاز المشروع، وأحيانا يتم اللجوء إلى القروض العشوائية لمعالجة هذا النقص المفاجئ في التمويل مما قد يزيد الطين بلة، لذا فهذه الخطوة من تدفع المشروع نحو النور أم تحوله إلى خيبة أمل

الخطوة الخامسة:

تحديد متطلبات إطلاق المشروع من متطلبات القانونية وكادر بشري وموقع مميز تحديد السوق والفئات المستهدفة.

الخطوة السادسة:

التخطيط للانطلاق من خلال تحديد الرؤية الرسالة والقيم والأهداف للمشروع، والبدء بوضع الخطط الاستراتيجية والتنفيذية والعملياتية وتحديد الإجراءات وتوزيع المهام وبعدها يتوكل الإنسان على الله، والتوفيق منه جل شأنه.

 

المشروع الخاص قد يكون طريقاً إجبارياً لمن امتلك القدرات وشعر بضيق الوظيفة وامتلك الطموح والرؤية الواسعة والبعيدة إجبارياً لمن تلوح له الفرص التي لا تتكرر كثيراً بالتالي يسعى الكثير للجمع بين الوظيفة والمشروع الخاص ليجمع بين أمان الوظيفة وطموح الحرية، وهذا الأمر قد يكون ممكناً في المرحلة الأولى لكنه يصبح مكلفاً بعد ذلك..

يوجد مشاريع يمكن للمرء أن يجمع بينها وبين الوظيفة في المرحلة الأولى، لكن المشروع الخاص كلما بدأ في النمو كلما احتاج مزيداً من الرعاية والاهتمام لكي يبدأ هذا المشروع في رعايتنا لاحقا، أما الوظيفة فهي مرحلة مهمة في حياتنا العملية مثلها مثل مرحلة الدراسة، فإما نتركها بأنفسنا لننتقل إلى مرحلة المشروع الخاص أو تتركنا هي للفراغ..

المشروع الخاص هو كفاح نحو تقدير الذات والمساهمة في بناء الأوطان.