متى ستنتقل المنظمات من مرحلة الإغاثة إلى مرحلة التنمية.

متى ستنتقل المنظمات من مرحلة الإغاثة إلى مرحلة التنمية.

 

متى ستنتقل المنظمات من مرحلة الإغاثة إلى مرحلة التنمية.

 

بقلم أ/ خالد هلال

على الرغم من التطور العالمي وما تشهده المجتمعات المتقدمة من ثورة علمية في جميع المجالات إلا أن الأكاديمي اليمني ما زال مفتقراً إلى العنصر التطويري في جميع مجالاته و تخصصاته وبالأخص الجانب التطبيقي، وهذا ليس تقصيراً من الخريج أو الطالب بحد ذاته ولكن نظراً للظروف المعيشية القاسية والأوضاع الراهنة التي يمر بها وطننا الحبيب والتي يعاني منها كافة أبناء الوطن عكس سلباً على الجانب التطويري والتنموي للمجتمع، ولأن الأكاديميون وأصحاب المؤهلات من الشباب في جميع المجتمعات هم العناصر الأساسية لعملية خلق النهضة العمرانية والتكنولوجية والثقافية زادت الأهمية لدورهم في التنمية، فكيف لا نولي هذا الجانب حقه وننظر إليه بعين الاهتمام من نفس زاوية التي ينظر لها في الجانب الإغاثي، وهنا يضع السؤال نفسه لما لا تركز أهداف وخطط المنظمات الإغاثية في جانبها التنموي على تطوير وتأهيل الكوادر العلمية في جميع المجالات منها المجال الهندسي لما سيعود ذلك بالفائدة على المجتمع كافة وذلك تطبيقاً للمثل الصيني الشهير: "لا تعطني سمكة، بل علمني كيف أصطاد"!

فلا ننسى أننا قادمون على مرحلة بناء للوطن مما خلفته الحروب من دمار في مؤسسات الدولة، ولأن التطوير التنموي التطبيقي والعملي لكل من الأكاديميين والخريجين يعتبر شبه معدوم من قبل المنظمات المحلية والخارجية، بذلك كان لابد من الإشارة إليه ووضعه على طاولة واحدة بجانب المشروع الإغاثي وضمه ضمن الأولويات بحسب احتياجات الجانب التطويري للبنية المجتمعية، فلو حصرنا عدد المنظمات المحلية أو الدولية لوجدنا تركيزهم ينصب على مشاريع الإغاثة فقط  وتُركز أغلب اهتماماتهم على الظروف المعيشية للفرد وليس للمجتمع، لذا فنحن بحاجة لتنمية مجتمعية تطويرية تركز على سد تلك الفجوة التي يعاني منها الخريج أو الطالب في مختلف المجالات لتنمية قدراته، أي أننا بحاجة لتغيير سياسة المنظمات والانتقال من مرحلة الإغاثة إلى مرحلة التنمية.

ومن هذا المنطلق كان لابد منح الجانب الهندسي الجزء الكبير في مجال التدريب والتنمية، كون الوطن بحاجة لكوادر مؤهلة من الشباب في جميع التخصصات الهندسية، وتقديم دورات هندسية تخصصية تخلق لهم فرصة الالتقاء بخبراء تدريب؛ فهنا يتم منح المهندس بيئة فعالة لصقل مهاراته وتطوير قدراته، فالمهندس دون تدريب عملي لا يُعتبر سوى مهندساً رياضياً فقط، كما أننا بهذه الفعاليات نتيح للمهندسين أصحاب الخبرات العملية والعلمية مشاركة خبراتهم مع الخريجين في بيئة تسمح بتلاقح الأفكار وتطويرها، مُشكّلين بذلك مجتمعاً هندسياً فعّالاً ذا رؤية تفاعلية على أساس علمي هندسي، وذلك من أجل إعادة إعمار ضمن معايير وجودة خصوصاً بعد كل ما خلفته الحروب من دمار في الجانب الحكومي والبنية التحتية في المؤسسات المدنية للدولة، فلا يمكن أن يكون هناك جودة في البناء وإعادة الإعمار دون كوادر هندسية ماهرة وذات معرفة كافية في عملها ومواكبة للتطور العلمي والعملي في جوانب تخصصاتها.

ومما لا شك فيه أن أغلب الخريجين من كليات الهندسة من الشباب المليء بالحماس والطاقة والمستعد لعمل المستحيل من أجل تطوير قدراته وكسب مهارات عالية، ولكن دائماً ما يكون الجانب المادي حاجز أشبه بجدار خرساني صعب تكسيره وهذا ما يصيب بعض المهندسين بالإحباط، بل أغلبهم يذهب بعيداً عن تخصصه لعدم امتلاكه المهارات الكافية والخبرات المطلوبة لسوق العمل، ومن هنا لابد من إعطاء هذا الجيل فرصة لكسر جميع الحواجز ورفع راية النصر أمام العجز المادي.

وأخيراً لطالما سمعنا عن مشاريع عملاقة من قبل المنظمات في بناء القدرات وتنمية المهارات، ولكن للأسف فهذه المشاريع بعيدة كل البعد عن التطوير الفعلي لمن هم أساس المرحلة القادمة في بناء الوطن الكبير الذي مزقته قوى العدوان وتُجّار الحروب.