السجادة المعكوسة

السجادة المعكوسة

السجادة المعكوسة

 

أ/ شيبان أحمد شيبان – رئيس التحرير

قد يكون عنوان الافتتاحية غريب قليلاً، لكني سأذكر لك أخي القارئ ما الذي جعل العنوان يخطر في بالي، فذات مرة وأنا استعد للصلاة في مقر عملي وبعد أن توجهت للصلاة لاحظت أني وضعت سجادة الصلاة باتجاه معاكس لاتجاه القبلة، ومع ذلك قمت بأداء الفريضة ولم أقم بتغيير اتجاهها.

 

وبعد أن انتهيت من الصلاة تبادرت إلى ذهني مجموعة من الخواطر، وبالطبع لم يخطر لي أن الصلاة على السجادة المعكوسة غير جائزة لأني ما دمت أصلي في اتجاه القبلة هذا يعني أنني في الاتجاه الصحيح؛ وأظنك أيها القارئ توافقني الرأي. أليس كذلك؟

 

دعني أخبرك بما جال في خاطري وبشكل مباشر وأربطها معك بريادة الأعمال وإنشاء المشاريع كما يلي:

أولاً: لو كنت بصدد إنشاء مشروع وأنت على علم كامل بهدفك وقمت بإعداد دراسة جدوى المشروع بشكل جيد، لكن الناس من حولك يسيرون في اتجاه معاكس (كالسجادة) ويخالفونك فيما أنت مقدم عليه هل ستتوقف وترجع للسير في اتجاههم ام ستستمر فيما أنت عليه مع ثقة بالله بأن اتجاهك صحيح - كما اتجاه القبلة - فما الذي ستختاره؟

 

ثانياً: لنفرض أن أحدهم جاء من بعدك للصلاة ولم يكن يعلم باتجاه القبلة لكنه وجد السجادة موضوعة على حالها المعكوس وهو لا يعلم فلم يسأل عن وضعها وقام بالصلاة عليها - وهنا طبعا لا أسأل من الناحية الشرعية عن صحة صلاته من عدمها - ولكن إذا أردتُ القيام بمشروعي الخاص وقمت مباشرةً بالعمل عليه بناءً على ما رأيت من معلومات لدى الآخرين ودون التأكد منهم أو استشارة أصحاب الخبرة عن الطرق الحديثة في المشروع ذاته، هنا سأصبح كمن صلى على السجادة المعكوسة دون أن يسأل، فهل سينفعني حسن النية أم أني فشلت حينها؟

 

ثالثاً: لو كنت تمتلك علاقة عمل في مجالك الريادي بأصحاب شركات أو رواد أعمال آخرين ليسوا من ذات الديانة مثلاً أو لديهم سياسات تجارية لا توافق رؤيتك التجارية -كالسجادة المعكوسة- فهل هذا مبرر لكيلا تتعامل معهم بإتقان فيما تم الاتفاق عليه أم أنه يجب عليك تأدية عملك معهم بكل أمانة وإتقان بغض النظر عما هم عليه من اتجاه معاكس ما دام والإتقان هو الاتجاه الصحيح -كما القبلة-؟!

 

عزيزي القارئ هذه بعض الخواطر وضعتها بين يديك وتركت مناقشتها عليك لترسمها في مخيلتك وتحرك بها عجلة أفكارك.

 

والله الموفق..