من النشأة إلى الريادة ... محطات في حياة حسين السهيلي

من النشأة إلى الريادة ... محطات في حياة حسين السهيلي

من النشأة إلى الريادة ... محطات في حياة حسين السهيلي

حاورته: مروى العريقي

الحديث عن بدايات الشخصيات الرائدة حديث ذو شجون، فالبداية الصعبة هي من ترسم طريق النجاح، وتخطى الصعاب وصولاً للريادة لم يكن بالنسبة لضيفنا طريقاً مفروشاً بالورود، فعلى الرغم من صغر سنه استطاع تسجيل حضور بارز في مجال ريادة الأعمال، فرض شريحة الشباب على الداعمين، وكسب ثقتهم بكل جدارة واقتدار، ضيفنا لهذا العدد شخصية شابه علا شأنها وبز صيتها في الأعمال الإنسانية والخدمية، تمكن من النهوض بمبادرة شبابية صغيرة والتواجد في الأعمال الكبيرة حتى أصبحت من المؤسسات الرائدة في البلاد، إنه مؤسس منظمة تمدين شباب الأستاذ حسين السهيلي..

من هو حسين السهيلي؟

حسين محمد عبده مقبل، تلميذ مدرسة الحياة، قبل حصولي على البكالوريوس في إدارة الاعمال وقبل تأسيسي لمؤسسة تمدين شباب والانطلاق بها إلى ماهي عليها اليوم من ريادة وتميز ببرامج ومشاريع في معظم مناطق اليمن.

ولدت في العام 1979 م بقرية يناعة عزلة بلاد الوافي مديرية جبل حبشي محافظة تعز. تلقيت التعليم الأساسي والمتوسط في مدرستي سام و26 سبتمبر بذات المديرية. ثم انتقلت إلى مدينة تعز والتحقت بثانوية تعز الكبرى. 

اقترنت حياتي منذ الطفولة بالمعاناة والحرمان والكفاح. تجرعت مرارة عمالة الأطفال وأنا الذي عملت في تنظيف السيارات وبيع الجرائد والمجلات في شوارع مدينة تعز. 

لم أحتقر أي مهنة توفر مصدر عيش نظيف وكريم لي ولأسرتي فقد تنقلت بين عامل في بوفية الهناء في شارع جمال إلى خياط ومطرز للعبايات والمقارم النسائية. وبعدها حارس أمن في شركة بروكتر وجامبل. أعقب ذلك تأسيسي لعمل تجاري " ملاك للدعاية والإعلان "

من رحلة الكفاح هذه ومقاسمتي لرغيف الفقر مع المعدمين تشربت قيم الاحسان ومساعدة الآخرين والسعي لتغيير حال البؤساء إلى واقع أفضل. فوجدت أن ذلك يتحقق من بوابة التطوع في العمل الانساني وحققت تغيير إيجابي لا بأس به في حياة الأفراد والأسر.

 متى بدأت ترتسم في ذهنك الأهداف والأفكار الريادية؟

في العام 2011م أدركت الحاجة إلى تنظيم العمل التطوعي وتأطير طاقات الشباب فكونت مبادرة شبابية مستقلة تأهلت للحصول على منحة صغيرة من منظمة رنين اليمن. وبها تم إرساء مداميك مؤسسة تمدين شباب وإعلان تأسيسها في 25 مايو 2013 م.

ماهي مبادئك في الحياة؟

الإنسانية لأنها القاسم المشترك بين جميع الشعوب بتعدد جنسياتهم ومعتقداتهم ومذاهبهم. فأنا إنسان نذرت حياتي لخدمة الانسانية. كما أن مؤسسة تمدين شباب تجسد نهجي وفلسفتي في الحياة حيث التمدن قيم متحضرة تبعث على احترام كينونة الإنسان وتصون كرامته. فيما الشباب هم طاقة، وهمة، وحماس، وحيوية، وتفكير، وإبداع، وريادة.

 ما الذي تطمح إلى تحقيقه في مجال ريادة الأعمال؟

تنمية قطاع الأعمال وفق منظور مستقبلي، وتطوير حلول استشرافية استباقية، وتوفير حاضنات لمشاريع الشباب، وتشجيع النهج الخلاق، فكراً وممارسةً، والمساهمة في تحقيق تطور نوعي في حياة الناس وفق منظور يأخذ في الاعتبار احتياجاتهم المستقبلية، مع التركيز على أهمية تحقيق نمو اقتصادي مستدام على نحو يعزز الاستقرار المجتمعي. كل ذلك أطمح بأن يترجم إلى واقع عملي من خلال إنشاء:

مجمع ريادة الأعمال في اليمن ويضم (مركز للإبداع والابتكار والذكاء الاصطناعي، صندوق التمكين الاقتصادي، أكاديمية لإعداد القادة) من أجل تقديم افكار ذكية ومشاريع مبتكرة مثل الاستثمار في الطاقة المتجددة، والزراعة المستدامة، والاسكان الاقتصادي، والمواصلات الصديقة للبيئة، والمدن الذكية وغيرها.

 ماهي الإنجازات التي تمكنت من تحقيقيها؟

مؤسسة تمدين شباب التي بدأتها كفكرة ثم مبادرة ثم مؤسسة رائدة في المجال الإنساني والتنموي، استقطبت شباب وشابات من خيرة من أنجبت اليمن، اختاروا العمل فيها أو التطوع معها وصنعوا قصص نجاح ملهمة عنوانها التميز والشغف والابتكار. وتمكنت المؤسسة من إيصال مشاريعها وخدماتها وانشطتها إلى معظم ربوع الوطن، ووفرت الغذاء والدواء والمياه وغيرها من الخدمات الأساسية لأكثر من 2 مليون يمني منذ العام 2015 م. كما نجحت في افتتاح مكتب لها في العاصمة الأردنية عمّان كمنظمة أجنبية ومكتب إقليمي. وحصلت المؤسسة على عضوية مشروع اسفير العالمي؛ وعضوية المجلس الدولي للمنظمات التطوعية في جنيف بسويسرا.

وإلى جانب المؤسسة تمكنت من تأسيس شركة Rexo Health وشركة Kafaah Technology، ومنصة YEMEN JOB التابعة لها، وشركة Jal Pharma ولايزال الطموح كبير والمسؤولية أكبر.

 ماهي رؤيتك لمستقبل الاستثمار في اليمن؟

اليمن تمتلك مقومات أساسية تضمن نجاح الاستثمارات، إلى جانب ما تتميز به من موقع استراتيجي وشريط ساحلي طويل وتوافر الأيدي العاملة، مما يجعلها مؤهلة لتدفق الاستثمارات المختلفة في مجال السياحة، والتعدين، والطاقة والثروة السمكية وقطاعات أخرى متعددة.

ما النصائح التي توجهها للشباب لتأسيس مشاريعهم الخاصة والدخول في ريادة الأعمال؟

-التفكير الإبداعي أو الابتكاري هو جوهر ريادة الأعمال فجميع الأفكار والمنتجات والاختراعات التي طورت الحياة البشرية جاءت من رواد مبدعين ومبتكرين.

ـ الشغف بالبحث عن كل ما هو جديد واقتناص الفرص التي لا تأتي وانما يجب السعي لاستكشافها.

ـ أفكار مبتكرة وخطط عمل محكمة ودقيقة، وقيمة مضافة تسهل تمويل المشروعات وتضمن لها النجاح والمنافسة.

 ماذا عن العوائق والصعاب التي تواجه ريادة الأعمال في اليمن وكيف يمكن التغلب عليها؟

غياب الثقافة الداعمة لريادة الأعمال في اليمن، والمعوقات القانونية والبيروقراطية الحكومية، وصعوبة الحصول على تمويل من المؤسسات الرسمية مثل الصناديق والبنوك، وتنصل القطاع الخاص عن دوره ومسؤولياته تجاه المجتمع واقتصار أهدافه على الربح والتحايل على تفعيل المسؤولية الاجتماعية بالصدقات والإحسان.

هذه المعوقات والصعوبات يمكن التغلب عليها من خلال التكامل بين القطاعين العام والخاص ومنظمات المجتمع المدني ورواد الأعمال لتحديد الإطار العام لمفهوم ريادة الاعمال الذي يجعل من مصلحة الحكومة العمل على دعم هذا القطاع لما يتمتع به من قدرة على سرعة دوران رأس المال، وزيادة خلق فرص العمل دون تكلفة استثمارية عالية وهو الهدف الذي تسعي إليه السياسات العامة الاقتصادية لأي بلد يريد النهوض.

كما يتوجب على المنظمات غيرالحكومية الدفع لتحسين بيئة الأعمال والتأثير في السياسات العامة من خلال تنظيم الندوات وورش العمل والمؤتمرات التي تجمع بين الجهات صاحبة المصلحة في تطوير الأعمال ودوائر صنع القرار.

 ما أهمية العلاقات العامة في ريادة الاعمال؟

يحتاج رائد الأعمال إلى التواصل وبناء علاقات عمل ناجحة مع أصحاب المصلحة والعملاء، والموظفين، والمؤثرين، والموردين، وحتى والمنافسين، ولا يحدث ذلك إلا من خلال امتلاكه لمفاتيح مهارات الاتصال، فبامتلاكه لتلك المهارات يتم تحديد مدى نجاحه في إدارة المشروع أو المؤسسة أو الشركة بكل ثقة، فهو سيحتاج إلى التواصل مع الآخرين لطرح أفكاره وتقديم العروض التقديمية للمستثمرين، وعقد الصفقات والتأثير في الموظفين، وحل النزاعات، وإيجاد الحلول للمشاكل، وهكذا..

 هل تحقق التوازن بين العمل والحياة الخاصة؟

الأمر ليس سِراً فكل رائد أعمال، سواء كان كبير أو صغير، يواجه بشكل شبه يومي سلسلة لا نهاية لها من الضغوط والتحديات في أعماله.

وعندما يضطلع المرء بدور في العمل الإنساني أو ريادة الأعمال يغوص في المهام والمتطلبات وهنا لا يجتمع بأسرته إلا قليلا، بل قد يضطر إلى السهر طويلا، وتفويت بعض الوجبات واللجوء إلى الأطعمة سريعة التحضير، وكل ذلك يضر بالصحة ويراكم الأعباء النفسية.

وبالرغم من ذلك فإنا أمتلك قوة الإصرار على تحمل الصعاب والمتاعب ومواجهة المخاطر، وتحركني دوافع النجاح والإنجاز من اجل أهداف نبيلة.

 تقوم مؤسسة تمدين شباب بإسهام فاعل في المجال الإنساني، ماهي رؤيتك المستقبلية لعمل منظمات المجتمع المدني في اليمن في هذا الجانب؟

تحويل العمل الإنساني والإغاثي إلى منظومة عمل تتخطّى فعلَ الإحسان العابر إلى فعل التغيير الشامل في آليات التفكير والتخطيط والتنفيذ، بما يعمل على تمكين المجتمعات، وأن تتطور منظمات المجتمع المدني في اليمن إلى كيانات راسخة تعمل على مأسسة العمل الإنساني والتنموي، بما يكفل استدامته وتعظيم أثره الإيجابي، وتوسيع حجم الاستفادة منه.