الجامعة الوطنية.... حكاية نجاح

الجامعة الوطنية.... حكاية نجاح

الجامعة الوطنية.... حكاية نجاح

قصة النشأة:

تولد الفكرة كوميضٍ عابر إن لم تختطف تمر كمر السحاب، بدأت الفكرة كخاطرة وحلم بعيد فالوضع العام للبلد والذي ولدت فيه الفكرة كان يمر بظروف صعبة ومعطيات الواقع تشي بالتوتر واللا استقرار.

وكان ميلاد الجامعة فكرة إبداعية للوالد الأستاذ الدكتور أحمد شمسان الشرجبي، ونظراً لعدم وجود ملهمين أو تجارب سابقة فهي الحجرة الأولى التي ألقيت في محافظة غير العاصمة صنعاء، حركت مياه الأفكار ثم تتالت بعد ذلك عملية التوالد والاستنساخ.

   بدأت الفكرة ككلية تطبيقية لكن سرعان ما انتفض الحلم على يد رجل الريادة الأول في هذا المضمار الوالد الدكتور أحمد شمسان، وتحول الحلم إلى جامعة أهلية كان ذلك في شتاء 1994 شتاء يضج بالأحداث والتوترات التي شهدتها اليمن آنذاك وفي هكذا وضع ولدت الجامعة الوطنية، وكما قيل من يولد في الصعاب تعصره الأحداث وتمرن جسمه لتحمل المشاق والنضج الفارع.

  لذلك ولدت الجامعة الوطنية قوية فتية بدأت بكليات إبداعية كالعلوم والهندسة وشقت مضمار الحاسوب كأول جامعة أثبتت جدارة في وقت كان فيه علم الحاسوب غائباً بل وغريبا ثم ولدت كلية العلوم الطبية ثم الإدارية والمالية والدراسات العليا. كانت الفكرة الميلادية جبارة فأثمرت لبنات نمت وترعرعت حتى تناسلت في عدة محافظات فمن مدينة تعز كان الميلاد، تعز المحافظة التي لم تكن تشهد وجود جامعة فيها فمن هناك كان الانطلاق.

صفات رواد ومؤسسي الجامعة:

     ثمة حقيقة تقال إن الفكرة الابداعية تولد من عقل مبدع متقد وهكذا كان رواد التأسيس كوكبة من العقول التي تربت على الإبداع والتميز فسني دراستهم في الخارج وبالذات في الدول المتقدمة أخصبت، فالبيئة ولادة ومؤثرة.

    ويأتي الوالد الأستاذ الدكتور أحمد شمسان كصاحب الامتياز الفكري والريادي للنشأة، فبما يحمله من قدرات علمية تشربها منذ بداية مسيرته العلمية في المرحلة الجامعية الأولى كمبتعث للخارج ثم في المرحلة الثانية للماجستير والثالثة للدكتوراه رسخت فيه الرؤية والإبداع الريادي فكان بمثابة الفنار الذي يحتذى وكم من الجامعات نشأت وفق مشروعه الريادي.

  حتما اختار معه ثلة من المبدعين جمعتهم الإرادة والريادة فكانت الجامعة الوطنية كأول جامعة أهلية في محافظة تعز، تحدوا الصعاب وقهروا المستحيل وأسسوا لتوجه ريادي جديد ربما يسبق كثير من دول الجوار حين كان التعليم الجامعي حكومي بامتياز لا مجال للقطاع الخاص فيه.. لكن بالفكر الريادي للمؤسس الذي اختلق الفكرة واحتضنها بحب وعزيمة وجدت بعد ذلك النظم والقوانين واللوائح المنظمة لدى جهات الاختصاص.

ففي ظل غياب الفكرة والتوجه يصعب الانجاز بل ربما يستحيل لكن رواد الجامعة الوطنية تغلبوا على كل ذلك ساهموا بإبداع في وضع إطار تنظيمي للتعليم الجامعي الأهلي وبنوا تجربة رائدة، ربما تكون مغامرة وما ينجح إلا المغامر.

بدأت المسيرة إذن وتحمل الرواد المؤسسين على عاتقهم تبعات فكرهم الريادي توالدت المعيقات وتنوعت أشكالها فغياب القانون المنظم، والفكرة الغائبة عن صناعة تعليم جامعي أهلي بداية لم يتقبله المجتمع المحلي والرسمي كل ذلك لم يوقف العقل الريادي، بل ناضل وتسلح بالإرادة والصلابة لمواجهة التحديات وتذليل سبل العبور للآخرين.

مميزات الجامعة الوطنية:

الرائد قد يتحمل تبعات ريادته فشق الطريق الجديد يتطلب قوة وعزيمة وإبداع لايقبل التعثر، حين بدأت الجامعة الوطنية كأول جامعة في محافظة كبيرة كتعز هذا في حد ذاته ميزة عظيمة بل رؤية ريادية ثاقبة، فمدينة لم تشهد ميلاد جامعة من قبل، إذ كان افتتاح جامعة تعز الحكومة في العام 1995 أي بعد عام من إنشاء الجامعة الوطنية، وإنه من الصعوبة تحقيق التوجه الحكومي لنشر التعليم الجامعي وتخريج الكوادر فجامعات محدودة في البلد لا يمكن أن تحقق هذا الحلم الطموح، ميلاد الجامعة الوطنية آنذاك أرسى مداميك جديدة وداعمة للتنمية الشاملة المنشودة في أوسع أبوابها حيث سهلت عمليات الالتحاق ونوعت في برامجها الأكاديمية واتخذت من المرونة مبدأ أساسيا للتقدم.

  فكما يقال الرائد في البداية رائد حتى النهاية، اعتمدت الجامعة الوطنية كميزة للتعليم الأهلي باعتبارها الجامعة الأولى في تعز وفرت الامكانات والتجهيزات والنظم واللوائح التنظيمية وسارت بخطى ثابتة نحو الريادة وأخرجت نخبا متعددة القدرات والتخصصات ساهموا جميعاً في النهضة التعليمية والشاملة فمنهم المهندسين الكبار والأطباء والإداريين والمحاسبين ورواد الفكر توزعوا على الأصقاع داخلياً وخارجياً وكانوا خير دليل على نجاح التجربة الريادية.

 مشاركة الجامعة الوطنية لنهضة التنمية في اليمن:

    بدأت اليمن مسيرة التنمية في أواخر القرن الماضي، ولاتزال تخطو بخطى متعثرة نظراً لقلة الكوادر الريادية والامكانات، وحين ولدت الجامعة الوطنية كمحفل علمي وأكاديمي أهلي، سارعت تلك الخطوات حيث:

   -فتحت المجال أمام الإرادات بل وصنعت الإرادات، ذللت الصعاب وقادت زمام العقول والأفكار صوب التغيير الحقيقي الذي يبدأ من بناء العقول الرائدة، فطبيعة البرامج التي افتتحتها الجامعة وغامرت بافتتاحها كان لها الصدى الكبير في تحريك عجلة التنمية والتي لا يمكن أن تتدحرج للأمام إلا بوجود الوقود والقوة المحركة والمتمثل في الإنسان المتسلح بالعلم والإرادة وكان هو الوالد الدكتور أحمد شمسان.

    -كانت طبيعة البرامج التي افتتحتها الجامعة الوطنية من صميم الإحتياج التنموي فعلوم الحاسوب وهندسة البرمجيات والتقنيات الأخرى كان لها الأثر الكبير في انتشار هذا النوع من التخصصات، حيث رفدت السوق بكثير من الخبراء والمتميزين في مجالات العلوم التطبيقية والتقنية وتوالدت المشاريع الريادية من ذلك وتوجه بعض الخريجين لتلبية احتياج التنمية والبعض الآخر اختط مشروعه الخاص، فكما شاهدنا مراكز التقنيات والهندسة الإلكترونية والبرامج التطبيقية تغزو الأسواق بهمم هؤلاء الشباب وأمثالهم.

    - وفي مجال الطب والعلوم الصحية توزع خريجو الجامعة في الجبال والسهول وكان لأناملهم الدور الكبير في التخفيف من آلام المرضى، فقد حرصت الجامعة الوطنية على توفير التسهيلات والدعم والرعاية والتشجيع للطلبة القادمين من الريف والمناطق النائية بهدف استكمال تعليمهم وعودتهم إلى مناطقهم للاسهام في تحقيق المتطلبات الإنسانية لقراهم ومناطقهم.

   - كما شجعت الجامعة الوطنية الموظفين والعاملين في المؤسسات الخدمية الحكومية للالتحاق ببرامجها الأكاديمية ووفرت لهم الوقت المناسب والمرن لتمكينهم من المواءمة بين عملهم والدراسة كل ذلك شكل عاملاً في تطوير قدراتهم وتنمية مهاراتهم مما يعود بالنفع على المجتمع.

    - وأسهمت الجامعة الوطنية في تأهيل معلمي المدارس الذين كان أغلبهم لم تتح له السب لاستكمال تعليمه الجامعي فذللت سبل الالتحاق لهم وفتحت مجالات التأهيل لمن يحملون الثانوية العامة منهم – وهم غالبية- ذلك التوجه أثمر كثيرا وساهم في تطوير العملية التعليمة في المحافظة الكبيرة مترامية الأطراف.

خدمات اجتماعية قدمتها الجامعة للمجتمع:

كثيرة هي المحطات الاجتماعية التي جسدتها الجامعة الوطنية في مضمار أداء دورها الريادي وتحقيق رسالتها الهادفة والمتمثلة في خدمة المجتمع كأحد أهم وظائف الجامعة، فقد عملت الجامعة الوطنية على اختيار برامج أكاديمية لها احتياج فعلي في الواقع الاجتماعي ومن الخدمات الاجتماعية التي حرصت الجامعة الوطنية على بلورتها عملياً:

v     دعم ورعاية كثير من الأنشطة والفعاليات الإجتماعية في مجالات التوعية الصحية والبيئية والتنموية.

v    عقدت شراكات مع قطاعات حكومية واسعة لتنفيذ فعاليات تدريبية وتنموية ورعت كثير من هذه المشاريع.

v    نفذت حُزم من التدخلات الاجتماعية في مضمار التنمية المجتمعية في مجالات متعددة مثل الرعاية لبعض الطلبة المعسرين مالياً وتقديم التخفيضات والتسهيلات المالية لهم.

v    تشجيع الطلبة المتميزين وتوفير سبل تنمية ابداعاتهم لكي ينعكس ذلك على المجتمع.

v    استضافة كثير من الفعاليات الاجتماعية كاللقاءات التطويرية، وعقد ورش العمل التي تجسد العلاقة بين الجامعة والمجتمع والبيئة.

v    تنفيذ مشاريع خدمية تسهم في خدمة المجتمع وفق شراكات محلية في هذا السياق.

أهم انجازات الجامعة:

كثيرة هي المنجزات وسنقف على أهم المحطات منها:

·   رفد المجتمع والسوق بالكوادر المتخصصة المتسلحة بالعلم والقدرات.

·   تنفيذ برامج نوعية في مجال التدريب والتأهيل للقطاعات المختلفة.

.  الاسهام في الحراك التنموي من خلال توفير الكوادر وتحقيق استمرارية المساندة لهم لتخطي العقبات وتقديم الاستشارات والمقترحات الداعمة.

·   للجامعة عضويات في كثير من المحافل العلمية كاتحاد الجامعات العربية (عضوية عاملة) – اتحاد جامعات العالم الاسلامي – عضوية عاملة في مجالس البحث العلمي العربية.

·  المساهمة في مؤتمرات علمية محلية وخارجية.

·  إنجاز فعاليات علمية وبحثية متميزة.

·   إقامة علاقة شراكة مع جامعات ومراكز علمية خارجية.

أهم مبادئ العمل:

تحرص الجامعة الوطنية في مسيرتها العلمية على التسلح بمبادئ عمل وقيم وأعراف أكاديمية منها: الحرص على التميز – المصداقية – التطوير المستمر – المرونة.

استراتيجية الجامعة:

تنتهج الجامعة الوطنية في مشوارها التصاعدي سياسة التخطيط المرن الذي يجعل من خطواتها محسوبة ومدروسة مع الاسترشاد باحتياجات الواقع ومتطلبات المرحلة، كما تجسد الجامعة مبدأ المقارنة المرجعية لأنشطتها وبرامجها، تقتفي أثر الابداع والتميز، مع توظيف التقييم المستمر ومعالجة القصور أولا بأول، فعلى خطى الريادة تحرص الجامعة في خططها على البحث عن الجديد في المجال العلمي والتقني وتلبي احتياجات التنمية وسوق العمل ضمن خطط مرنة وقابلة للتطوير والمواكبة.

نظرة الجامعة للمستقبل الاستثماري في اليمن:

إن الاستثمار في الخدمات يشهد تغيراً وعدم ثبات وطالما أن التعليم في المقام الأول خدمة فأولويات الاستثمار تتطلب حرصاً على تطلعات المستهدفين وعناية فائقة برضاهم.

وعموما يُعد الاستثمار في اليمن بيئة خصبة وناجحة لكنها بحاجة إلى تطوير كثير من متطلبات الاستثمار وبالذات في المجال القانوني، والتسهيلات، والصرامة في حفظ حقوق المستثمرين، والعناية بتوفير العوامل المشجعة على النمو وجذب رؤوس الأموال فالبلد بحاجة إلى تحريك عجلة الاستثمار للحد من البطالة والركود، وغالباً نتمنى تطوير البيئة الاستثمارية بشكل أفضل مع توفير مزايا وفرص تشجيعية للمستثمرين باعتبار المستثمر عنصر من عناصر التنمية.